{وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ} يا بني إسرائيل {وَمَن فِى الأرض جَمِيعاً} والناس كلهم {فَإِنَّ الله لَغَنِىٌّ} عن شكركم {حَمِيدٌ} وإن لم يحمده الحامدون وأنتم ضررتم أنفسكم حيث حرمتموها الخير الذي لا بد لكم منه {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} من كلام موسى لقومه أو ابتداء خطاب لأهل عصر محمد عليه السلام {والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله} جملة من مبتدأ وخبر وقعت اعتراضاً، أو عطف {الذين من بعدهم} على {قوم نوح} و{لا يعلمهم إلا الله} اعتراض، والمعنى أنهم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أباً لا يعرفون. ورُوى أنه عليه السلام قال عند نزول هذه الآية: كذب النسابون {جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات} بالمعجزات {فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ} الضميران يعودان إلى الكفرة أي أخذوا أناملهم بأسنانهم تعجباً أو عضوا عليها تغيظاً، أو الثاني يعود إلى الأنبياء أي رد القوم أيديهم في أفواه الرسل كيلا يتكلموا بما أرسلوا به {وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ} من الإيمان بالله والتوحيد {مُرِيبٍ} موقع في الريبة {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى الله شَكٌّ} أدخلت همزة الإنكار على الظرف لأن الكلام ليس في الشك إنما هو في المشكوك فيه، وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وهو جواب قولهم {وإنا لفي شك} {فَاطِرِ السموات والأرض يَدْعُوكُمْ} إِلَى الإيمان {لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} إِذا آمنتم ولم تجيء مع {من} إلا في خطاب الكافرين كقوله: {واتقوه وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 4، 3] {ياقومنا أَجِيبُواْ دَاعِىَ الله وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [الاحقاف: 31] وقال في خطاب المؤمنين: {هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة} إلى أن قال: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: 11، 10] وغير ذلك مما يعرف بالاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد {وَيُؤَخّرَكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} إلى وقت قد سماه وبين مقداره.{قَالُواْ} أي القوم {إِنْ أَنتُمْ} ما أنتم {إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} لا فضل بيننا وبينكم ولا فضل لكم علينا فلم تخصون بالنبوة دوننا {تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا} يعني الأصنام {فَأْتُونَا بسلطان مُّبِينٍ} بحجة بينة وقد جاءتهم رسلهم بالبينات، وإنما أرادوا بالسلطان المبين آية قد اقترحوها تعنتاً ولجاجا.